تَحْدّثَ رَئِيسُ الشُّؤُونِ الدِّينِيَّةِ البروفيسور الدُّكْتور السَّيِّد علي أرباش قَائِلًاً " ان الإسراء و الْمِعْرَاجُ تَعْنِي التَبْنَي و التَّعَاطُفَ مَعَ الْمَسْجِدِ الآقصى بِاِعْتِبارِهَا امانةَ الانبياءِ و مُتَطَلَّبٌ مِنْ مُتَطَلَّبَاتِ مِحْنَةِ الْعُبُودِيَّةِ و الْبَشَرِيَّةَ " و ذَلِكَ فِي رِسَالَةٍ مُوَجَّهَةٍ نَشّرَهَا بِمُنَاسَبَةِ لَيْلَة الإسراءِ و الْمِعْرَاجَ .
آيُهَا إلاِخّوةُ الْمُحْتَرَمُونْ،
سَوْفَ نستقبِلُ مَعَاً لَيْلَةَ الإسراءِ و الْمِعْرَاجَ الَّتِي تَضُمُّ فِي طّياتِها الْكَثِيرَ مِنَ الْحِكْمِ و الاسَّرار و الْبَرَكَةَ الآلهيّة فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي تَرْبِطُ يومَ الثُّلاَثَاءَ بالاربِعاء إِنَّ شَاءَ اللهْ . و يُمَثِّلَ لَيْلَةُ الإسراءِ و الْمِعْرَاجَ رِحلةً مِلئُهُ الْحِكْمَة قَامَ بِهَا رَسُولُنَا الأكّرَم صَلَّى اللهُ عَلَيه و سُلَّمْ فِي لَيْلَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ الى الْمَسْجِدَ الآقصّى الْمُبَارَكَ و مِنْهَا عَرَجّ الى السَّمَاءِ الدُّنْيا و اِطَّلَعَ عَلَى أَسْرَارِ الْقُدْرَةِ الرَّبَّانِيَّةِ اللامُتناهية فِي ظرفٍ مِنْ أصّعبِ الظُّروفَ الَّتِي مَرًّ بِهِ نُبُوَّتَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيه و سُلَّمْ فِي المَكَّة .
إنْ الإسراءَ و الْمِعْرَاجَ فَتْحَ آفاقَ الْحَقِيقَةِ و الرِّفْعَةَ أمام الَّذِينَ ثَبَتُوا عَلَى التَّوْحِيدِ و الْعُبُودِيَّةَ و على الصَّبْرِ و الأخّلاقِ الْحَمِيدَة الْمُتَمَثِّلَةِ فِي شَخْصِ و شَخْصِيَّةِ النَّبِيِّ الأكرم صَلَّى اللهُ عَلَيه و سُلَّمً و رِحْلَةٌ اِسْتِثْنَائِيَة لِلْاِسْتِشْهَادِ بِوَحْدَانِيَّةِ و عَظْمَةِ الْقُدْرَةِ الرَّبَّانِيَّةِ و أكتِشافِ جَوْهَر و فَحْوَى الكينونة .
إِنَّ الأِسراءَ و الْمِعْرَاجَ هُوَ الْبِشارَةُ بِالْعَوْنِ و المَددِ الآلهي لِلَّهِ سُبْحَانَهُ و تَعَالَى جَلّ و علا شَأْنَهُ لِلْقَائِمِينَ بِالْعَمَلِ لأنشاءِ حَيَاةٍ مَلِيئةٍ بالطّمانينةِ و الْأَمْنَ و تُعْدَمُ فِيه الدَّمُ و الدُّموعَ و الْاِحْتِلاَلَ و الْفَقْرَ و الْبُؤْسَ .
و فِي الْوَقْتِ ذاته فَأَنَّ الإسراءِ و الْمِعْرَاجَ تُؤَدِّي بِنَا الى التَّفْكِيرَ فِي مَعَنّى و حِكْمَةُ الْعُلُوِّ بأوقات الصَّلاَةَ الْخَمْسَةَ وُصُولًا الى الرَّحْمَةَ و الْعِنَايَة الرَّبَّانِيَّةُ الَّتِي لَا حَصْرَ لَهَا و هِي فِي الْوَقْتِ عَيْنَه فُرْصَةٌ كُبْرَى لِلْبَشَرِيَّة و الَّتِي قَلَّة الرَّحْمَةُ فِي قَلْبِهَا و ضَعُفْت فِيه الْاِسْتِشْعَارَ بِكَوْنِهِ اُشْرُفْ الْمَخْلُوقَاتِ لِلْاِنْبِعاثِ مُجدداً .
بِالتَّأْكِيدِ أَنَّ لَيْلَةَ الإسراءِ و الْمِعْرَاج تَعْنِي التبْنَي و التَّعَاطُفَ مَعَ الْمَسْجِدِ الآقصى لِكَوَّنَهَا شَرْطٌ أَسَاسِي مِنْ شُرُوطِ الْعُبُودِيَّةِ و الإنسَانية و بِأِعْتِبارِهَا أمَانَةُ الانبياءِ و لَا يُمْكِنْ أَحْيَاءُ لَيْلَةِ الإسراءِ و الْمِعْرَاجَ بمَعْنَاهَا الْحَقِيقِيِّ مالّم تَحَرُّرُ الْمَسْجِدِ الاقصى الْيَوْمَ مِنَ الظّالِمِينَ الْمُحْتَلِّينَ المتميّزيين غَيْظًاً و الَّذِين قَامُوا بِتَدْنِيسِ الْحَرَمِ الْمَعْصُومِ و أنْتَهكُوا قُدْسِيَّتَهُ و حُرُمَتَه .
إنَ هَذِهِ اللَّيَالِي تعُّدُ فرصةً هَائِلَةً للْقُلُوبُ الْمُؤْمِنَةَ الَّتِي تَجَيِّشُ و تَفِيضُ بِالْمَشَاعِرِ و الاحأسيس الْمَعْنَوِيَّةَ و الرُوحيةَ و ذلكَ لإنعاشِ و تَقْوِيَةِ اواصِر أَيمانَنَا بِاللهِ و وَلاَئِنَا لِرَسُولِنَا و نَبِيَّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيه و سُلَّمً و التَّوَدُّدِ لِلصَّلاَةِ و ذَلِكً بِالدُّعَاءِ و التعبُدِ و التأمُل و التَّدَبُّرْ .
و اُهنِىء شَعْبُنَا الْعَزِيزِ و الْعَالَمَ الاسلامي جمعاءَ بِمُنَاسَبَةِ لَيْلَةِ الإسراءِ و الْمِعْرَاجَ و الَّتِي تَرْمِزُ الى اسمى الْمَرَاتِبَ رفعةً فِي الْقَيِّمِ الْعُبُودِيَّةَ و الإنسَانية و اسألُ مِنْ الْبَارِي عّز و جّل شأنهُ بِأَنْ تَكَوُّنَ وسيلةً لِوَحْدَةِ و تَوَحُّدِ الْمُسْلِمِينَ و تَعَايُشُ الْبَشَرِيَّةِ فِي السّلَّمِ وَالْهِدَايَةِ و الرُشدّْ .