
إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإسْلامُ
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ..."
بارَكَ اللهُ لَكُمْ في جُمُعَتِكُمْ إِخْوانِيَ الأَعِزّاءُ!
كَانَ غُلامٌ مِنَ اليَهودِ يَخدُمُ النَّبِيَّ (ص) فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ (ص) يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِندَ رَأسِهِ، وَقَالَ : أَسلِمْ. فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِندَ رَأسِهِ، فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ (ص). فَأَسلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ (ص) وَهُوَ يَقُولُ: "الحَمدُ لِلَّهِ الذِي أَنقَذَهُ مِنَ النَّارِ"[1].
أيُّها المُؤْمِنونَ الأَعِزّاءُ!
يَقولُ اللهُ تَعالى في كِتابِهِ العَظيمِ: "إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإسْلامُ"[2]. وَيَقولُ رَسولُ اللهِ (ص): "مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ..." [3].
إِخْوانِي!
دَعا جَميعُ الأَنْبِياءِ النَّاسَ إلى الاسْتِسْلامِ للهِ وَحْدَهُ وَعِبادَتِهِ. وَكُلَّما ابْتَعَدَ النَّاسُ عَنْ عَقيدَةِ التَّوْحيدِ، وَنَسوا غايَةَ الخَلْقِ وَحِكْمَتَهُ، جَدَّدَ اللهُ تَعالى دَعْوَتَهُ بِإِرْسالِ الرُّسُلِ بَعْدَ الرُّسُلِ، حَتّى خَتَمَ رِسالاتِهِ بِبِعْثَةِ مُحَمَّدٍ (ص) إلى العالَمينَ. فَحَمَلَ النَّبِيُّ (ص) أَمانَةَ نَشْرِ هَذِهِ الدَّعْوَةِ المُبارَكَةِ، وَدَعا النَّاسَ إلى الإيمانِ بِاللهِ وَحْدَهُ وَعبادَتِهِ، وَإلى الحَقِّ وَالحَقيقَةِ، وَالعِلْمِ وَالمَعْرِفَةِ، وَالفَضائِلِ وَمَكارِمِ الأَخْلاقِ، تَماماً كَما فَعَلَ الأَنْبِياءُ السَّابِقونَ. فَاكْتَمَلَ الإسْلامُ على يَدِ النَّبِيِّ (ص) كَما قالَ اللهُ تَعالى عَلى لِسانِهِ في كِتابِهِ العَزيزِ: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"[4]. وَبذلك عَلَّمَ النَّبِيُّ (ص) النَّاسَ سُبُلَ نَيْلِ السَّعادَةِ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ.
إِخْوانِيَ الأَعِزّاءُ!
إِنَّنا نُؤْمِنُ بِأَنَّ الأَنْبِياءَ عِبادُ اللهِ وَرُسُلُهُ، وَنُؤْمِنُ بِالكُتُبِ التي أَنْزَلَها اللهُ تَعالى عَلَيْهِمْ. وَنُؤْمِنُ يَقيناً بِأَنَّ الدِّينَ الحَقَّ عِنْدَ اللهِ هُوَ الإسْلامُ، وفَلاحُ الإنْسانِيَّةِ كُلِّها يَمُرُّ مِنِ اتِّباعِ الإسْلامِ الذي هُوَ خاتِمَةُ الرِّسالاتِ السَّماوِيَّةِ، وَالسَّعادَةُ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ تَعْتَمِدُ عَلى الإيمانِ بِرَسائِلِ القُرْآنِ الكَريمِ النَّابِضَةِ بِالحَياةِ، وَبِقُدْوَةِ النَّبِيِّ (ص) التي لا نَظيرَ لَها.
إِنَّ اللهَ تَعالى يُصيبُ بِرَحْمَتِهِ كُلَّ مُؤْمِنٍ يَنْطِقُ كَلِمَةَ الشَّهادَةِ صِدْقاً مِنْ قَلْبِهِ، وَيَمْتَثِلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالطّاعاتِ وَالأَعْمالِ الصَّالِحَةِ. وَمَنْ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ رَبَّاً، وَبِالإِسْلامِ ديناً، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيَّاً وَرَسولاً، وَبِالقُرْآنِ كِتاباً مُرْسَلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالى، يَلْقَى خُسْراناً مُبيناً[5]. يَقولُ اللهُ تَعالى في كِتابِهِ العَظيمِ: "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ"[6].
أيُّها المُؤْمِنونَ الأَكارِمُ!
يَتَعَرَّضُ الإِسْلامُ لِهُجُومٍ عَنيفٍ مِنْ قِبَلِ الذينَ لا يُطيقونَ انْتِشارَهُ عَلى وَجْهِ الأَرْضِ، وَلا يُطيقونَ صَداهُ في قُلوبِ النَّاسِ. فَيَتِمُّ العَمَلُ في يَوْمِنا على تَشْويهِ صورَةِ الإِسْلامِ بِاتِّهاماتٍ باطِلَةٍ مِثْلَ الإِرْهابِ وَالعُنْفِ رَغْمَ أَنَّهُ الدّينُ الذي يَبْعَثُ في النُّفوسِ الرَّحْمَةَ وَالرَّأْفَةَ وَالأَمَلَ وَالأَمْنَ وَالأمانَ. وَيَتَعَرَّضُ المُسْلِمونَ في أَنْحاءِ العالَمِ لِلإقْصاءِ وَالتَّهْميشِ وَالتَّمْييزِ وَالعُنْفِ وَالظُّلْمِ. وَيَتَفاقَمُ الإِسْلاموفوبْيا مَعَ كُلِّ يَوْمٍ جَديدٍ.
إِخْواني!
إِنَّ المُحاوَلاتِ الرَّامِيَةَ إلى القَضاءِ عَلى دينِنا وَعَقيدَتِنا وَقِيَمِنا لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تُشَوِّهَ حَقيقَةَ الإِسْلامِ عَلى مَرِّ العُصورِ، وَلَنْ تَسْتَطيعَ بَعْدَ الآنِ أَنْ تُشَوِّهَها بِإِذْنِ اللهِ تَعالى. حَسْبُنا أَنْ نَعْلَمَ جَيِّدَاً قيمَةَ دينِنا وَسَطَ هَذِهِ السَّلْبِيّاتِ، وَنَشْكُرَ اللهَ تَعالى الذي أَكْرَمَنا بهذا الدّينِ. حَسْبُنا أَنْ نَتَعَلَّمَ دينَنا الحَنيفَ، وَنُعَلِّمَهُ لِلأجْيالِ القادِمَةِ، بِمَعْلوماتٍ صَحيحَةٍ تَسْتَنْدُ عَلى القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الشَّريفَةِ. حَسْبُنا أَنْ يَنْعَكِسَ الإيمانُ وَالعِبادَةُ وَالأَخْلاقُ عَلى حَياتِنا بِشَكْلٍ صَحيحٍ، وَنَكونَ قُدْوَةً حَسَنَةً لِلإِنْسانِيَّةِ. حَسْبُنا أَنْ نُحافِظَ عَلى عَقيدَتِنا وَعِباداتِنا وَأُخُوَّتِنا وَمَحَبَّتِنا، وَجَميعِ قِيَمِنا.
إِخْوانِيَ الأَفاضِلُ!
أَوَدُّ أَنْ أَخْتِمَ خُطْبَتي بِهَذِهِ الأَدْعِيَةِ التي تَعَلَّمْناها مِنَ القُرْآنِ الكَريمِ: "رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ"[7]. "رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ"[8].
[1] البخاري، الجنائز، 79.
[8] آل عمران، 3/ 147.
من إعداد المديرية العامة للخدمات الدينية