رسالة بمناسبة ليلة الإسراء والمعراج من رئيس الشؤون الدينية أرباش

رسالة بمناسبة ليلة الإسراء والمعراج من رئيس الشؤون الدينية أرباش

27/رجب/1444

سندرك هذه الليلة ذكرى حادثة المعراج التي صعد فيها النبي من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ومنه إلى السماء. وأتمنى أن تكون هذه الليلة المباركة وسيلة للخير.

إن حادثة المعراج التي أظهر فيها ربنا سبحانه وتعالى بعض آياته على النبي بقدرته الأبدية، تعبر عن صعود معجزي يحتوي على الكثير من الحكمة والجمال. هذه المعجزة، التي حدثت في وقت حزن فيه النبي )صلى الله عليه وسلم( حزناً عميقاً لوفاة خديجة وأبي طالب وأصبحت الحياة أكثر صعوبة على المسلمين في مكة المكرمة، كانت تعبيراً عن لطف الله ورحمته بالمؤمنين ووسيلة للإنشراح. في أصعب أوقات الرسالة، وجد النبي )صلى الله عليه وسلم( والمؤمنون الثقة والعزيمة والعزاء في هذا الصعود المبارك.

إن حادثة المعراج، التي تجسدت في شخص نبينا وهي هدية إلهية للمؤمنين، لها جوانب عديدة تتعلق بيومنا هذا. قبل كل شيئ، المعراج هو إشارة إلى أن المؤمنين الذين يقفون بصبر وثبات في مواجهة صعوبات الحياة ومتاعبها والذين لا يتنازلون عن الإيمان والصراط المستقيم، لن يتركوا وحدهم دون مساعدة. وإنها علامة على أن الذين يثابرون في طريق التوبة والحقيقة سيُمنح لهم الكثير من اللطف الإلهي عندما لا يتوقعونه.

وإذ ندرك الذكرى السنوية في هذا الوقت المبارك، فإننا نعاني من الألم المفجع لكارثة جرحت أمتنا جرحاً عميقاً. إننا نكافح العواقب الوخيمة للزلازل الشديدة التي مركزها في مدينة كهرمان مرعش (بازارجيك - ألبستان)، التي حولت 10 من محافظاتنا إلى أنقاض بتأثيرها المدمر وتسببت في معانات لا توصف لملايين من شعبنا.

في هذه الأيام العصيبة التي نمر بها، من المهم أن نتصرف بصبر وتأنٍ وثبات وأن نقوم بتعزيز مشاعر التضامن والمساعدة والمشاركة. وإن أهمية الحفاظ على وعي الوحدة والتضامن والأخوة حية أمر مهم للغاية. وفي هذا السياق، فإن الشجاعة والإيثار والتضحية التي قدمتها أمتنا الحبيبة بعزم وحزم كبيرين منذ اللحظة الأولى، هي فوق كل التقدير. هذا المثال الهائل للتضامن، الذي يظهر في التعاون بين الدولة والأمة وبروح التعبئة، هو يعتبر ضمانا لتجاوز جميع الصعوبات بإذن الله.

على الرغم من أن قلوبنا تحترق بجمر هذا الألم العظيم، إلا أننا نعلم أن طريق الخلاص من كل الصعوبة والمتاعب الدنيوية هو اللجوء إلى قدرة وعناية ربنا سبحانه وتعالى. لهذا السبب، يجب أن نجعل ليلة المعراج مناسبة لتعزيز إيماننا بربنا وولائنا لنبينا (صلى الله عليه وسلم). ويجب أن نفتح أيدينا ونسأل الرحمة من ربنا الرحمن الرحيم، ونطلب منه العون والمساعدة بالصبر والصلاة. من خلال أدعيتنا وتضرعاتنا ومساعداتنا المادية والمعنوية يجب أن نسعى جاهدين للحفاظ على إصرارنا على أن نكون مع إخوتنا وأخواتنا ونساعدهم حتى النهاية.

بهذه المشاعر والأفكار أهنئ أمتنا الحبيبة والعالم الإسلامي بأسره بمناسبة ليلة المعراج. وأتمنى الرحمة والمغفرة لإخواننا الذين فقدوا أرواحهم في الزلازل، والشفاء والثبات لجرحانا. وأدعو ربي العلي القدير أن تكون هذه الليلة المباركة نجاة لأمتنا وبلدنا، وخاصة إخواننا المتضررين من الزلزال، من المتاعب التي يعيشون فيها.

 

الأستاذ الدكتور علي أرباش

رئيس الشؤون الدينية