14/شعبان/1444
هذه الليلة هي ليلة البراءة المباركة. والحمد لله سبحانه وتعالى الذي أوصلنا إلى هذه الليلة القيمة مرة أخرى.
ليلة البراءة هي بشرى الخلاص. إنها تذكرنا بالعيش على أساس الأعمال الصالحة والأخلاق الحميدة خاضعين لله، والاستعاذة بالله القدير من كل ما يلوث العقل والقلب ويُبعد الحياة عن معناها ومغزاها، وتذكرنا بقيمة الابتعاد عن جميع الرغبات والسلوكيات التي لا تتوافق مع رضا الله سبحانه وتعالى. لذلك دعونا نتأمل حالتنا في تلك الليلة من خلال رحلة المحاسبة والتفكير إلى أعماق قلوبنا وحياتنا. فلنراجع حساسيتنا تجاه أوامر الله ونواهيه، ولنفتح أيدينا وقلوبنا كي نقدم حالتنا لربنا عز وجل. ولنجعل هذه الليلة بداية حياة أفضل بالتفكر وتلاوة القرآن والعبادة والاستغفار والدعاء والتضرع.
الحقيقة هي؛ أن الذين يعيشون حياتهم وفقاً للإيمان والأخلاق الحميدة سوف ينالون سعادة الدارين، والذين يقضون الحياة التي وهبهم الله إياها في طاعته والخضوع له سيكونون من المفلحين. والذين يتوبون عن الخطايا والآثام بصدق سوف يغفر الله لهم، والذين يؤدون مسؤولياتهم بشكل صحيح سوف يحصلون على الأمن والسلام. ومن يتمنون الخير لأنفسهم وفي الوقت نفسه يتمنونه للجميع سوف يصلون إلى الكمال، وسوف يساعد الله من يقومون بإغاثة الأيتام والفقراء والمظلومين والمنكوبين. وسيحفظ الله ويحمي الذين يحفظون على العدل والإحسان وصلة الرحم. وسوف يمنح رحمته ومودته وإحسانه للذين يسعون جاهدين للعيش في خير واستقامة.
بينما ندرك في هذه الأوقات المباركة بقلوب مجروحة ومتألمة، نسعى جاهدين كأمة لتضميد جراح الزلزال بالتضامن والتعاون العظيمين. قال حبيبنا النبي (صلى الله عليه وسلم)؛ " ومَنْ كَانَ فِي حاجةِ أَخِيهِ كانَ الله فِي حاجتِهِ، ومَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسلمٍ كُرْبةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بها كُرْبةً مِنْ كُرَبِ يوم القيامةِ"، مؤكداً على أهمية التضامن والتعاون عند الله تعالى. وقال أيضا:" مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم، مَثَلُ الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تَدَاعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمَّى" . لذلك، آمل أن تستمر حملة التضامن مع شعبنا حتى نلبي جميع احتياجات إخواننا الذين تعرضوا للزلزال.
وبهذه المناسبة أهنئ أمتنا الحبيبة والعالم الإسلامي أجمع بمناسبة ليلة البراءة، سائلا الله تعالى بكرمه وقدرته أن يشرح الأفئدة الحزينة، ويشفي القلوب المجروحة، وييسر صعوباتنا ومعاناتنا برحمته وإحسانه.
الأستاذ الدكتور علي أرباش
رئيس الشؤون الدينية