16/جمادى الأولى/1445
أشار رئيس الشؤون الدينية الأستاذ الدكتور علي أرباش: "إن المجتمع والجيل الذي لا يعرف عقيدته وتاريخه وحضارته وقيمه لن يتمكن من بناء مستقبل صحي ومشرق".
حضر رئيس الشؤون الدينية الأستاذ الدكتور علي أرباش "منتدى علماء الدول التركية التابع لمنظمة الدول التركية (TDT) "التعليم الماتريدي والزمن الحاضر" الذي عقد في طشقند، عاصمة أوزبكستان.
وفي كلمته هنا، ذكر الرئيس أرباش أن العلماء والمتصوفين مثل البيروني، وابن سينا، وعلي كوشو، وأولوغ بك، والإمام البخاري، والإمام الترمذي نشأوا في أوزبكستان، وقال: "لذلك، الحديث عن هذه الأراضي في الواقع هو حديث عن المعرفة والحكمة والحب و الأخوة. وإن الحديث عن الإمام الماتريدي الذي أنشأته هذه الأراضي هو حديث عن حضارة عظيمة من العلم والحكمة أضاءت طريقنا لعدة قرون".
وصرح الرئيس أرباش أن الحضارة الإسلامية هي حضارة المعرفة والحكمة والعلم، وقال: "في الفترات التي بنى فيها المسلمون حياة ومجتمعًا مبنية على أساس الكتاب والسنة، كانت الأرض في وضع أفضل لجميع الناس من حيث السلام والامن."
"المسلمون الذين ابتعدوا عن القيم والمبادئ الأساسية كانوا هدفا لهجمات وحشية لعدة قرون"
مشيراً إلى أن المسلمين لديهم نقص خطير في معرفة القرآن والسنة، وهما مصدر الإسلام والحضارة الإسلامية، وواصل الرئيس أرباش كلامه على النحو التالي:
"في واقع الأمر، فإن المسافة والثغرات التي وضعناها كمسلمين بيننا وبين رسالات ومبادئ ديننا العظيم، الإسلام، خلال القرون القليلة الماضية، هي أحد الأسباب الرئيسية للوضع السلبي الذي نعيشه اليوم. وفي هذا السياق، تسببت المشاكل المصطنعة الناجمة عن الدوافع الدينية والاختلافات الإقليمية والثقافية في دفع المجتمعات الإسلامية إلى الانخراط في معارك لا معنى لها مع بعضها البعض لسنوات عديدة.
وقد عرّض هذا الوضع الجغرافيا الإسلامية لسياسات الاستعمار والغزو للإمبريالية العالمية. ولقد مر العالم الإسلامي بأوقات عصيبة ومضطربة في ظل الحروب والاحتلالات. فالمسلمون الذين ابتعدوا عن جذورهم وقيمهم الحضارية ضعفوا وأصبحوا هدفاً لهجمات وحشية ومجازر فظيعة على مدى قرون. وفي هذا السياق علينا أن نقوم بمحاسبة جدية وجذرية ونقد ذاتي".
"يجب ألا نتهرب أبدًا من مواجهة إهمالنا وأخطائنا"
صرح الرئيس أرباش أنه يجب أن نفهم بشكل صحيح لماذا أصبحت الجغرافيا الإسلامية، التي كانت في يوم من الأيام أرض العلم والحكمة والهدوء، عرضة للعنف والحروب والقسوة والجهل، وقال: "علينا أن نحلل جيداً أسباب تحول الدول الإسلامية إلى ساحة عرض لقوة الجهات الفاعلة العالمية من خلال الحروب بالوكالة. ويجب ألا نتهرب أبدًا من مواجهة إهمالنا وأخطائنا. وقال: إذا فقدنا النهج الصحيح لفهم ما يحدث، فسوف نفقد فرصة إنتاج حلول دائمة لمشاكلنا".
وفي إشارة إلى أن المشاكل والسلبيات التي شهدناها لا ينبغي أن تؤدي إلى اليأس والتشاؤم، قال الرئيس أرباش:
"الحمد لله، لدينا العزيمة والإيمان والحضارة لحل جميع مشاكلنا. لأننا ننتسب للدين الأحدث والأكمل الذي أرسله الله تعالى. إننا نملك بوضوح حقائق القرآن والسنة في حل المشكلات الضخمة التي تواجه الإنسانية، وخاصة الجغرافيا الإسلامية. هذه إمكانيات عظيمة لنا جميعاً.
وواجبنا أولا وقبل كل شيء هو أن نتبع هدي الوحي والسنة. يعني العودة إلى جوهرنا بالعلم والحكمة والتفكر والتأمل. أن نفهم منابع ديننا وحضارتنا على أدق وجه، وأن ننقلها إلى يومنا هذا بالطريقة الأنسب. ومن ناحية أخرى، من المهم للغاية عدم تجاهل التطورات السياسية والاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية والاجتماعية والثقافية في العالم وتقييم آثارها العالمية بطريقة صحية وتقديم كل المساهمات اللازمة".
وأشار الرئيس أرباش إلى أنه من واجب العلماء والمثقفين والمنظمات الدينية إنتاج المعرفة التي تكون حلاً لمشاكل العصر في ضوء القرآن والسنة ومكتسبات الحضارة، وقدمها لنفع البشرية، وقال: "لأن المجتمع والجيل الذي لا يعرف عقيدته و تاريخه و حضارته وقيمه لن يتمكن من بناء مستقبل صحي ومشرق. "ستبقى الأجيال البعيدة عن عقيدتها وغير الواعية لقيمها ضعيفة وعاجزة أمام إستغلال الدين و العنف والإرهاب".
صرح الرئيس أرباش أنه يعتبر هذا الاجتماع الذي عقد لفهم الإمام الماتريدي نشاطًا قيمًا للغاية.