19/ذو الحجة/1445
أعلن رئيس الشؤون الدينية الأستاذ الدكتور علي أرباش النتائج لـ "القمة للتشاورية لعلماء العالم الإسلامي" المنعقدة في إسطنبول. وقال الرئيس أرباش: "يجب أن نعرف أن القدس للمسلمين، وفلسطين وغزة أرض إسلامية وستبقى كذلك حتى القيامة".
شارك في "القمة التشاورية لعلماء العالم الإسلامي" التي نظمتها رئاسة الشؤون الدينية في إسطنبول قيادات دينية مسلمة من 54 دولة، وعند انتهاء القمة أعلن رئيس الشؤون الدينية البروفيسور الدكتورعلي أرباش البيان الختامي للقمة.
النص الكامل لـ "البيان الختامي الذي قرأه الرئيس أرباش هو كما يلي:
"في هذه الفترة الحرجة التي نشهد فيها الأحداث التي تؤثر على الحياة الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية للإنسانية على المستوى العالمي، تم تنظيم "القمة التشاورية لعلماء العالم الإسلامي"، لمناقشة المشاكل وطرق الحل التي يمكن اتخاذها في مواجهة الصراعات والحروب المحيطة بالعالم الإسلامي والمشكلات التي تهدد وحدة الأمة. وعقدتها وزارة الشؤون الدينية في الجمهورية التركية في إسطنبول خلال الفترة ما بين 12 و14 مايو 2024، باستضافته رئاسة الجمهورية. وتم افتتاح القمة في قصر دولمة بهجة بتشريف فخامة رئيس الجمهورية التركية السيد رجب طيب أردوغان.
ضمن نطاق القمة التي تستمر يومين عقدت جلسات بالمواضيع التالية: "أزمة غزة واختبار الإنسانية"، "إبقاء مفهوم حلف الفضول حياً بعد أزمة غزة"، "بناء وعي الأمة في مواجهة التحديات المعاصرة" "، "أجندة مصطنعة تهدد السلام العالمي وطمأنينة الإنسانية"، "معاداة الإسلام" ، "الخطاب المشترك واستراتيجية العمل ضد التطرف الذي يهدد الأمة". ونتيجة للمفاوضات، نفترض أن مشاركة القضايا التالية للرأي العام العالمي ستكون مفيدة:
1. يمر عالمنا بفترة من أصعب الفترات في تاريخه، تحت حصار أزمات ضخمة على المستوى الاجتماعي، الثقافي، السياسي والاقتصادي. والحروب والاحتلال والإرهاب والجوع والفقر والمشاكل الاجتماعية تجعل الحياة بائسة بالنسبة للأغلبية العظمى من سكان العالم. والهندسة الاجتماعية التي تقوم بها القوى العالمية لتحقيق طموحاتها الإمبريالية تجر الدول والمجتمعات إلى كوارث غير مسبوقة. وللأسف فإن أكبر ضحايا هذا الوضع المؤلم والمروع هم الأطفال والنساء والشيوخ. وفي هذه الفترة الفوضوية أصبحت مسؤولية المسلمين بخصوص أن يكونوا روادًا في حل المشكلات العالمية من خلال اتخاذ مبادرات أقوى وإحياء رسائل الإسلام العالمية الواهبة للحياة وتجسيدها في فهمنا للعصر، حاجة ملحة وغير قابلة للإلغاء. كما يجب كمسؤولية ملحة على جميع الأفراد والمؤسسات والمجتمعات والدول والمنظمات الدولية إنهاء كافة أنواع الاحتلال والهجمات والإرهاب والحروب التي تجعل الأرض غير صالحة للسكن، والحفاظ على شرف الإنسان وكرامته.
2. إن السياسات الصهيونية اللاإنسانية والإبادة الجماعية التي تمارس في الجغرافيا الفلسطينية بعقيدة منحرفة وسياسة قذرة منذ ٧٦ عاماً، تجر العالم أجمع إلى الكارثة. ويجب على إسرائيل، الشبكة الإرهابية التي قتلت بوحشية آلاف الأبرياء في غزة بدعم من الإمبرياليين أن توقف فوراً هجماتها على الفلسطينيين. إن نضال الشعب الفلسطيني الذي يقاوم الاحتلال والإستيلاء على أراضيه ببطولة هو نضال مشروع ومشرف ديناً وأخلاقاً وقانوناً دولياً. وتقع على عاتق كل مسلم مسؤولية الإيمان والعبودية لدعم هذا النضال النبيل في جميع جوانبه والنضال ماديا وروحيا لوقف الإبادة الجماعية. ويجب أن نعلم بوضوح أن القدس للمسلمين، وفلسطين وغزة أرض إسلامية وستظل كذلك إلى آخر الزمان.
3. لا شك أن الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم، من الأوساط الأكاديمية إلى المنظمات غير الحكومية، ومن منتسبي الديانات المختلفة إلى الأوساط الفنية والسياسية، قد رفعوا أصواتهم ضد الوحشية الصهيونية المرتكبة في غزة، أمر يبعث على الأمل لمستقبل الإنسانية. وعلى الرغم من كل العقبات، فإن المسيرات المناصرة لفلسطين التي نظمت في العديد من أنحاء العالم تبشر بأن الضمير الاجتماعي العالمي سينتصر على القمع والإبادة الجماعية. وإن هذه المواقف النبيلة للأشخاص الذين يستمعون إلى صوت الضمير ويدافعون عن الكرامة الإنسانية والعدالة ضد الهمجية الصهيونية هي مواقف تستحق كل الثناء. ومن الضروري بذل المزيد من الجهود لزيادة هذا الوعي من أجل القضاء على التهديد الصهيوني الذي يتجاهل القانون والأخلاق والكرامة الإنسانية ويحاول تدمير إمكانية العيش المشترك.
4. يعتبر ديننا العظيم الإسلام العلم والحكمة والعرفان والأخلاق كلها مفاهيم مكملة لبعضها البعض. وإن التصورات والممارسات السطحية والجامدة واللفظية والإقصائية والعنيفة هي مؤشرات الابتعاد عن حقيقة الدين. كما أن الخطر الحقيقي هو أن يتحول الخلاف المذهبي والتفسيري إلى فتنة وانقسام مما يؤدي إلى تآكل مشاعر الأخوة الإسلامية والوحدة الإسلامية. ومن أجل القضاء على مثل هذه التفاهمات التي تخدم الإمبريالية العالمية من المهم تعزيز وعي الأمة وتنمية العقل والمنهج والخطاب والإرادة المشتركة في كل مجال. وفي هذا السياق، يجب على المسلمين أن يكونوا أكثر حذراً ضد التعليقات التمييزية والتكفيرية؛ وينبغي شرح مبادئ الحق والحقيقة والرأفة والرحمة في الإسلام، وقيم حضارتنا في العلم والحكمة والأخلاق والقانون بشكل جيد وتعليم الأجيال الجديدة إياها.
5. وفي عالم آخذ في العولمة، من الحقائق التي لا يمكن إنكارها أن الهياكل والكيانات الدولية القوية والمؤسسية لها دور حاسم في جميع السياسات المتعلقة بالناس والمجتمع. ولكي يكون المسلمون فعالين ويكون لهم رأي في الساحة الدولية، يجب عليهم أن يجمعوا قواهم وفرصهم في المجالات الفكرية والسياسية والثقافية والمالية والمجالات المماثلة؛ ومن الضروري أن تحدد المجتمعات الإسلامية استراتيجيات العمل التي من شأنها تعزيز الأرضية المشتركة فيما بينها. وفي هذا الصدد، فإن مجالات مثل التعليم والعلوم والثقافة والنشر هي من بين القضايا التي ينبغي إعطاؤها الأولوية. إعداد الأعمال المطبوعة والمرئية والرقمية التي من شأنها تعريف العالم بالقيم والمبادئ والمعايير العالمية بشكل أفضل بتوجيه من القرآن والسنة؛ ولا بد من إنشاء مؤسسات قوية يتلقى فيها الشباب التعليم الديني الكافي والصحيح، والقيام بمشاريع مشتركة شاملة في كل المجالات.
6. لقد تحولت كراهية الإسلام التي هي نوع من العنصرية و تتسم بالمشاعر المعادية للمسلمين إلى عداء فعلي تجاه الإسلام، وقد بلغت مستويات مثيرة للقلق في بعض المناطق. ويشكل هذا الوضع مشكلة حقوقية خطيرة تتغذى على انعدام الوعي السياسي وتخفي وراءها مصالح قذرة. إن مهاجمة المقدسات والرموز والمعابد والمؤمنين هو جريمة ضد الإنسانية بالمعنى الحرفي للكلمة ومرفوض على الإطلاق. وحكام البلدان التي يحدث فيها اعتداءات للإسلام مسؤولون عن اتخاذ جميع أنواع التدابير لمنع مثل هذه السلوكيات والأفعال لحماية الحقوق والحريات الأساسية للمسلمين. وستواصل البلدان والمجتمعات الإسلامية مكافحة الإسلاموفوبيا بقوة وإصرار.
7. تستغل عناصر الفتنة والانقسام والفوضى من التنظيمات الإرهابية وغيرها المفاهيم الإسلامية والقيم الإنسانية في العالم الإسلامي. وهذه المنظمات الإرهابية، التي تستهدف المسلمين باستمرار بأقوالها وأفعالها، وتحاول تشويه الوجه المشرق للإسلام، تشكل تهديدًا عالميًا وآفة لوجود المسلمين على وجه الأرض. ومن المهم أن يستمر جميع المسلمين في النضال بوعي وإخلاص وتعاون ضد هذه العقليات والجماعات.ويجب أن نعلم أنه لا يمكن أبدًا لأي خطاب أو عمل أو موقف أو سلوك يعكر صفاء الثقة والسلام أن يكون مرجعه في الإسلام.
8. تتسبب بعض الحركات والتيارات الخاطئة والمنحرفة في مجالات العقيدة والثقافة والأخلاق في إحداث ضرر كبير في عقول وقلوب الشباب من خلال استخدام وسائل الإعلام. وإن العادات الضارة والإدمان والحركات الخرافية والميول المنحرفة والآثار السلبية للبيئات الرقمية وخاصة أنشطة الهياكل غير القانونية التي تستغل الشباب وجهلهم تجعلهم يبقون في دائرة الأزمات الحالية. وفي هذا السياق، لا بد من بذل المزيد من الجهود لتربية الأجيال على الأخلاق الحميدة مثل الحق والعدل والرحمة والسلام، وعلى الإيمان الصحيح والوعي والمعرفة التي من شأنها أن تساهم في تحقيق السلام للإنسانية جمعاء. ويجب الوقوف إلى جانب شبابنا ضد الاتجاهات والأفكار والهياكل والعادات التي تؤثر سلباً على نظرتهم للحياة وتضر بنموهم المادي والروحي. ومست الحاجة إلى سياسات قوية وجهود مشتركة لرفع مستوى الوعي وحماية ودعم الشباب.
9. من الواضح أن للأسرة أهمية لا غنى عنها في بناء المجتمع والحياة الفاضلة المسالمة. لأن الأسرة هي المدرسة الأساسية و المركز الأقوى في التربية على الإيمان والأخلاق والعبادة. ومع ذلك، فمن الحقائق أيضًا أن مؤسسة الأسرة تواجه تهديدات خطيرة في مواجهة التحديات العالمية التي تقلل من شأن كل قيمة راسخة اليوم وتتجاهلها وتحطمها. ولذلك، فإن الجهود التي تهدف إلى حماية الأسرة وتقويتها ودعمها تحظى بأهمية حيوية اليوم. وقد أصبح من الضروري القيام بعمل فعال على صعيد عالمي لحماية الأسرة وتعزيزها من خلال اتخاذ موقف جماعي ضد التصورات والتوجهات التي تؤثر سلبا على الأسرة وتضعفها وتؤدي إلى انحلالها.
نهيب بالرأي العالم
مع التقدير والاحترام.